في مقابلة
مسجلة أُجريت قبل ستة أشهر على قناة "العربية"، بعد سقوط نظام بشار
الأسد، ظهر الشيخ حكمت الهجري، المرجع الروحي لطائفة الموحدين الدروز في السويداء،
ليضع أمام السوريين والعالم تصوراً واضحاً لموقفه من التطورات التي أعقبت الانهيار
السياسي والعسكري للنظام السابق. في هذا اللقاء النادر، تحدث الهجري بصراحة عن
رؤيته لوحدة سوريا، علاقته بالإدارة الانتقالية، وموقفه من المحاولات التي تُتهم
بها السويداء بالسعي للانفصال أو تشكيل كيان ذاتي.
قال الشيخ
الهجري: "سوريا واحدة، أرضاً وشعباً، وهذا عنواننا"، مشدداً على أن
"وحدة السوريين هي قوتهم"، ومؤكداً رفضه الكامل لأي مشاريع فيدرالية أو
طائفية، مضيفاً: "لم نطرح في يوم من الأيام الانفصال، ولا نؤمن به، نحن مع
سوريا موحدة لجميع أبنائها". كما أكد أن ما تقوم به السويداء من تنظيم إداري
وأمني هو مجرد استجابة لفراغ الدولة بعد سقوط النظام، وليس مشروعاً انفصالياً،
قائلاً: "نحن نعمل على حماية مجتمعنا وتنظيم شؤونه، ولسنا طامعين في سلطة أو
نفوذ".
وعن علاقته
بالحكومة المؤقتة والإدارة الجديدة التي نشأت بعد انهيار النظام، أوضح أنه يتعامل
معها من باب المسؤولية لا من باب الاصطفاف السياسي، قائلاً: "نحن نمد أيدينا
لكل مبادرة وطنية، هدفنا ليس المواقع، بل أن يُدار بيتنا من أبنائه، فنحن الأعرف
بأهلنا وظروفنا". وأردف: "نحن لا نبحث عن كيان خاص، بل نحاول تجنب
الفوضى، لأن مؤسسات الدولة غائبة ونحن لا نستطيع أن ننتظر الخراب".
كما نفى بشكل
مباشر وجود أي علاقات أو تواصل مع إسرائيل أو بقايا النظام السابق، وقال: "لا
علاقة لنا بإسرائيل، ولا بأي جهة خارجية، من انخرط في مؤسسات مشبوهة سابقاً كان
بدافع الحاجة أو القصور، ونحن الآن نصحح هذا المسار".
وبالنسبة
للسلاح المنتشر في السويداء، أكد الهجري أنه ليس سلاح عدوان بل دفاع، وقال:
"سلاحنا موجود لحماية الأرض والعرض، لم يُستخدم للهجوم ولا للابتزاز، وإذا
وُجد جيش وطني موحد عادل، فنحن أول من ينخرط فيه".
وفي رؤيته
لسوريا القادمة، قال الشيخ: "نحن بحاجة إلى مراقبة دولية غير متدخلة تساندنا
في عبور هذه المرحلة"، موضحاً أن صياغة الدستور يجب أن تكون عبر مؤتمر وطني
جامع، يشارك فيه كل السوريين على قدم المساواة، مضيفاً: "الدستور ليس ورقة
نخبة، بل عقد اجتماعي يُبنى عليه مستقبل البلاد".
وختم حديثه
برسالة واضحة: "نحن لا نحكم إلا بدولة، دولة المواطنة والحوار، لا الطائفية
ولا المحاصصة"، مؤكداً أن ما يحدث في السويداء اليوم هو جهد لحماية الناس من
الفوضى، وليس مشروعاً للانفصال أو للسيطرة، بل موقف وطني يحاول أن يملأ فراغاً
صنعه سقوط النظام، لا أن يستبدله بسلطة جديدة.
