وفاة الفنان اللبناني الكبير زياد الرحباني - شبكة أقطار الإخبارية

تحديثات

Saturday, July 26, 2025

وفاة الفنان اللبناني الكبير زياد الرحباني


توفي الفنان اللبناني الكبير زياد الرحباني يوم السبت، عن عمر ناهز 69 عاماً، في أحد مستشفيات العاصمة بيروت، بعد تدهور حالته الصحية نتيجة معاناة طويلة مع مشاكل في الكبد. وأفاد مصدر رسمي أن الوفاة وقعت بشكل طبيعي بعد أزمة صحية حادة استمرت لنحو خمسة عشر يوماً، ما استدعى نقله إلى المستشفى، دون أن تنجح محاولات الأطباء في إنقاذه.

 

زياد، ابن السيدة فيروز والملحن الراحل عاصي الرحباني، وُلد عام 1956 في منطقة أنطلياس قرب بيروت. منذ صغره، ظهرت ملامح موهبته الفنية، فكتب أولى مقطوعاته الموسيقية في سن السابعة عشرة، وبدأ بعدها بتقديم مسرحيات ذات طابع نقدي لاذع، جمعت بين السياسة والاجتماع في قالب فني ساخر وجريء.

 

عرف الرحباني بأسلوبه المتفرد في المزج بين موسيقى الجاز الغربية والألحان الشرقية، وهو ما جعله يُلقب بـ"رائد الجاز الشرقي اللبناني". وعلى مدى عقود، أثرى الساحة الفنية بأعمال خالدة، سواء على مستوى المسرح أو الأغنية، حيث قدّم مسرحيات لافتة مثل "سهرية" و"فيلم أميركي طويل"، إلى جانب ألبومات شهيرة مثل "أبو علي"، وأغانٍ مؤثرة مثل "أنا مش كافر"، التي كانت تنطق بأوجاع الناس وتدعو إلى التعايش والكرامة.

 

امتاز أسلوبه الفني بالنقد العميق والسخرية الذكية، وكان صوته من أبرز الأصوات المعارضة في لبنان، حيث عبّر عن رفضه للفساد والانقسام الطائفي من خلال موسيقاه وكلماته. في سنواته الأخيرة، عاش حالة من العزلة، ورفض الخضوع للعلاج الجراحي رغم حاجته الملحة إليه، ما فاقم من تدهور حالته الصحية، خصوصاً مع تفاقم تليف الكبد ومشاكل القلب والجهاز التنفسي.

 

ردود الفعل على رحيله جاءت واسعة ومؤثرة، إذ وصفه الرئيس اللبناني جوزيف عون بأنه "ضمير حي وصوت متمرد على الظلم"، في حين نعاه رئيس الوزراء نواف سلام مؤكداً أنه كان "فناناً مبدعاً وملتزماً بقيم العدالة والكرامة". أما وزير الثقافة غسان سلامة، فاعتبر أن زياد بلغ مرحلة لم يعد معها قادراً على مواصلة العلاج، رغم الحاجة الماسة إليه.

 

ولم تتأخر الأوساط الفنية والثقافية والجماهيرية عن التعبير عن حزنها الكبير لفقدانه، معتبرة أن رحيله يشكل خسارة لا تعوّض لذاكرة لبنان الثقافية والفنية، ولصوت حرّ لم يساوم يوماً على مواقفه أو فنه.

 

زياد الرحباني لم يكن مجرد موسيقي أو كاتب مسرحي، بل كان حالة فكرية فنية متكاملة، دمج بين الجاز والشرقي، بين النكتة والصرخة، بين الهزل والجدّ. ترك خلفه إرثاً فنياً باقياً، وستظل أعماله شاهدة على زمنٍ قاوم فيه الفنان باللحن والكلمة، وظل صوته عابراً للحدود والأجيال.


مصدر الصورة : RT Arabic