قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إن عدد الرهائن المحتجزين في غزة يبلغ خمسين رهينة، مشددًا على أن المجتمع الدولي ينبغي أن يوجّه ضغوطه إلى حركة حماس، وليس إلى إسرائيل، لأنها الطرف الذي يرفض تسليم السلاح ويُبقي على الرهائن. وأضاف: "أود أن أتحدث عن الوضع في غزة، لأن الرئيس ترامب، وهو حليف قريب لإسرائيل، قال: أرى المجاعة ولا يمكن تزوير ذلك، وهناك تحذير بأن المجاعة تحصل في غزة. هل تقبلون أن هناك تَضوّرًا من الجوع؟". ساعر أجاب بداية بشكر ترامب على صداقته ودعمه، وقال إن العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة متينة جدًا، ولا يمكن إيجاد فجوات بينهما، وخصوصًا فيما يتعلق بغزة.
وتابع قائلاً إن الوضع في غزة صعب بعد نحو عامين من الحرب، لكن الحديث عن سياسة تجويع هو كذب – على حد وصفه – وأن بعض وسائل الإعلام الدولية، بما فيها BBC ، تنشر هذه الأكاذيب. وأكد ساعر أن إسرائيل تعمل منذ بداية الحرب، في ظل ظروف معقدة جدًا، لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، منتقدًا ما وصفه بـ"البروباغندا الخاطئة". واستشهد بمثال عن طفل يُدعى أسامة الرقب، قال إنه يعاني من مرض جيني وكان في إيطاليا لتلقي علاج طبي في يونيو، وأوضح أن إسرائيل سمحت وسهّلت سفره، لكن صورته نُشرت في صحف إيطالية كطفل يتضوّر جوعًا، وتم إدراجه ضمن حملة دعائية ملفّقة.
ورأى ساعر أن بعض الصور التي تُظهر أطفالًا في غزة يتم استخدامها بطريقة خادعة، رغم أن من حولهم لا يبدو عليهم الجوع، وأضاف: "الخلاصة تترك لمن يرى الصور، لكن من المسؤول عن هذا الواقع؟ حماس". وقال إنه لا توجد سياسة تجويع، بل العكس تمامًا، وإن إسرائيل تبذل جهودًا جبارة، بما في ذلك هذا الأسبوع من خلال فتح الممرات الإنسانية، وتنفيذ إسقاطات جوية للمساعدات. وأكد أنهم لا يحدّون من المساعدات بل يسهلونها، ويتواصلون مع دول مثل الإمارات والأردن والمغرب وألمانيا وإيطاليا، وكل من يريد أن يقدّم المساعدة يجد الترحيب والتسهيل.
ورفض ساعر التعليق على تقارير في وسائل الإعلام العبرية تتحدث عن خيارات بديلة لاستعادة الرهائن، أو ضم أجزاء من غزة، وقال إن هذه أسئلة تتعلق بمحادثات داخلية، ولن يعلّق عليها. وردًا على اتهامات رئيس وزراء أستراليا لإسرائيل بأنها تنتهك القانون الدولي بمنعها دخول المساعدات، نفى ساعر ذلك تمامًا، وقال: "هذه كذبة. نحن لا نمنع دخول المساعدات. نحن نتصرف بموجب القانون الدولي". وأوضح أن المساعدات لا تُحتجز، مشيرًا إلى معبر كرم أبو سالم وزكيم كممرين يدخل عبرهما المئات من الشاحنات. وقال إن تقريرًا تلقاه في الصباح أفاد بأن أكثر من 200 شاحنة دخلت غزة أمس فقط، وأن هناك مساعدات بانتظار التوزيع، منها حوالي 600 شاحنة. وأضاف أنه خلال الشهرين الماضيين دخل أكثر من 5000 شاحنة إلى القطاع.
وأشار إلى أن إسرائيل فتحت ممرات إنسانية جديدة، تتيح مرور الشاحنات بشكل آمن بين العاشرة صباحًا والثامنة مساء، لتوزيع المساعدات، حتى لا يُستخدم أي عذر أو مبرر من أحد. ولفت إلى أن إسرائيل بادرت أيضًا إلى الإسقاطات الجوية للمساعدات، بدءًا من السبت، بمشاركة الإمارات والأردن، ودول أخرى أعربت عن رغبتها في الانضمام. وأكد أن إسرائيل تستخدم كل الوسائل الممكنة لتقديم المساعدات، وقال: "ليس فقط أن ما يُقال خاطئ، بل العكس هو الصحيح".
وعن فعالية الضغط العسكري، أوضح ساعر أن الضغط العسكري فعال، لكنه ليس الوسيلة الوحيدة، مؤكدًا أن إسرائيل عازمة على تحقيق أهدافها في هذه الحرب، سواء بالمسار الدبلوماسي أو عبر مسارات أخرى إذا اقتضت الضرورة. وقال: "ما تعلمناه خلال هذه الحرب هو أننا لا نستطيع أن نتوقع النتيجة كما في مباراة كرة قدم، ولا يجب أن نحكم مسبقًا". وأوضح أنه تم التوصل إلى اتفاق للإفراج عن رهائن مرتين سابقًا، لكن الضغط الدولي والقرارات الموجهة ضد إسرائيل جاءت بنتائج عكسية، وسمحت لحماس بالتشبث بمواقفها في لحظات حساسة. وأضاف أن وزراء خارجية غربيين اعترفوا له بأن تلك الضغوط لم تكن بنّاءة ولا ذكية للوصول إلى وقف إطلاق النار.
وسُئل عن المشاهد المدمرة في غزة، فرد قائلاً: "نحن نواجه تنظيمًا مسلحًا، وفي الحروب لا يمكن أن نتوقع صورًا جميلة. الولايات المتحدة وحلفاؤها في الحرب العالمية الثانية لم يحققوا النصر بعد قتل كل الجنود الألمان، بل بعد استسلام ألمانيا واليابان. البديل بسيط: من الذي سيفرض رغبته السياسية على الآخر؟". وأكد أن بقاء حماس في السلطة يعني أنها ستكون راضية بالواقع، وأن احتجاز الرهائن هدفه فرض إرادتها السياسية، وهو ما سيكون كارثيًا ليس فقط لإسرائيل بل للفلسطينيين أيضًا.
وأشار إلى أن السبيل الوحيد لتحقيق التغيير هو عبر الجهود السياسية والعسكرية التي تفرض رؤية مختلفة. وقال: "العالم يقول إنه لا يرى مستقبلاً لحماس في غزة، وهذا ما نراه نحن أيضًا. لكن كيف نحقّق ذلك؟ من لديه اقتراح عملي؟". وشدد على أن الحرب فرضت على إسرائيل في السابع من أكتوبر، وما تزال تُفرض من خلال رفض حماس الإفراج عن الرهائن. وأشار إلى أن هناك فلسطينيين بدأوا يحتجون على حماس، ويرجونها للإفراج عن الرهائن من أجل إنهاء الحرب، لكن لا أحد يتحدث عن ذلك في الإعلام. وأضاف أن هناك أكثر من 300 تصريح سلبي ضد إسرائيل، لكن بالكاد يُذكر مطلب الإفراج عن الرهائن، وهذا غير كافٍ ولا يمكن أن ينجح، بل يُعطي نتائج عكسية.
وفي سؤال أخير عن الدول التي بدأت تُدرك أن الضغط على إسرائيل غير
مجدٍ، رفض ساعر الكشف عن أسماء أو تفاصيل محددة، وقال إنه لا يمكنه نقل فحوى
المحادثات الدبلوماسية، لكنه سمع من أكثر من وزير خارجية أوروبي ملاحظات بهذا
الاتجاه. وأكد أن المساعدات تُسرق من قبل حماس، وقال إن الرئيس ترامب نفسه أشار
إلى ذلك، مشددًا على أن المساعدات باتت تمثل مصدرًا ماليًا أساسيًا لحماس خلال الحرب،
ولهذا السبب تحاول إسرائيل الآن إيجاد وسيلة لإيصالها مباشرة للمدنيين.
