في كلمة ألقاها خلال مؤتمر "حل الدولتين"، شدد وزير خارجية البرتغال باولو رانغيل على أن استمرار الحرب في غزة يشكّل واحدًا من أسوأ فصول العنف في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مؤكدًا أن تحقيق السلام في الشرق الأوسط سيظل مستحيلًا ما دام الفلسطينيون محرومين من دولتهم المستقلة، وما دامت إسرائيل تشعر بالتهديد.
وقال الوزير إن العمليات العسكرية الأخيرة "أدت إلى مقتل آلاف المدنيين من نساء وأطفال، وتدمير شبه كامل للبنى التحتية الأساسية في غزة"، معتبرًا أن ما يشهده القطاع اليوم هو "من أبشع مسلسلات العنف في تاريخ هذا النزاع العصيب".
وأكد وزير الخارجية البرتغالي أن بلاده "تفهم معاناة الشعب الإسرائيلي، وتفهم أيضًا معاناة الشعب الفلسطيني"، لكنه شدد على أنه "لا مبرر لتجويع المدنيين أو قتلهم بوحشية"، موضحًا أن "المدنيين، بمن فيهم الأطفال، لا يسعون سوى للاستجابة لأبسط احتياجاتهم".
وأضاف أن الحرب في غزة يجب أن "تتوقف فورًا"، وأن على المجتمع الدولي "ضمان إيصال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل"، لأن "حرية تنقل الفلسطينيين داخل غزة وفي كل أراضيها يجب أن تعاد فورًا، ولا يجوز القبول بالتشريد القسري لسكانها".
كما طالب الوزير بوقف فوري لتدمير الممتلكات والمنازل الفلسطينية في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، مشيرًا إلى أن "بناء المستوطنات في الأراضي المحتلة يجب أن يتوقف تمامًا، إلى جانب العنف المستمر من قبل المستوطنين ضد الفلسطينيين".
ودعا إلى الإفراج عن جميع الرهائن في غزة "فورًا ومن دون شروط"، لكنه في الوقت نفسه أكد أن "ويلات هجمات السابع من أكتوبر لا يمكن نسيانها، والإرهاب لا يمكن تبريره أبدًا".
وإذ أعرب عن شكره للمملكة العربية السعودية وفرنسا على تنظيم المؤتمر "في توقيت حرج"، جدد التزام البرتغال بـ"حل الدولتين كخيار واقعي ووحيد لتحقيق سلام دائم". وأوضح أن بلاده على مدى العقود الخمسة الماضية "صوتت لصالح كل القرارات ذات الصلة بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، واستمرت في دعمها المالي للأونروا".
وأكد دعم بلاده الكامل للسلطة الفلسطينية، باعتبارها "الجهة الوحيدة القادرة على تنفيذ حل الدولتين". ورفض الوزير أي قرار يسعى إلى "احتلال أو ضم الضفة الغربية وقطاع غزة جزئيًا أو كليًا"، مشيدًا بالمبادرة العربية لإعادة الإعمار، وباستعداد عدد من الدول العربية للاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها عند تنفيذ حل الدولتين.
وأشار إلى أن "السلطة الفلسطينية أبدت التزامًا غير مسبوقًا بالشروط المطلوبة لتحقيق هذا الحل"، مستعرضًا مجموعة من الخطوات التي يرى أنها تعكس نية حقيقية، منها: "التنديد الصريح بأفعال حماس، وقف عملياتها، نزع سلاحها، إطلاق سراح الرهائن، إجراء إصلاحات مؤسسية، عقد انتخابات قريبة، القبول بفكرة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، استعادة السيطرة على قطاع غزة، والاعتراف بإسرائيل واحتياجاتها الأمنية".
ورأى الوزير أن "هذه الالتزامات من السلطة الفلسطينية تمثّل لحظة فارقة"، مؤكدًا أنها "دعوة جادة لتنفيذ حل الدولتين، وتضع مسألة الاعتراف المتبادل في صلب المعادلة".
وختم وزير الخارجية البرتغالي كلمته مضيفًا أن "معاناة الشرق
الأوسط يجب أن تلهم العالم بإحساس مشترك بالإنسانية، وإيمان عميق بالسلام". وأن
"العالم يمكن أن يقوم على ثلاث دعائم: العدالة، والحقيقة، والسلام"،
مشيرًا إلى أن دولة فلسطينية تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل في أجواء من الأمن
والازدهار "هي التي ستجلب السلام الحقيقي للمنطقة وللبشرية جمعاء".
